مشروع قلاع جزيرة مقرات

لقد كانت جزيرة مقرات مكاناً استراتيجياً مهماً منذ العصور القديمة نظراً لموقعها في نقطة تلتقي عندها العديد من طرق المواصلات الطويلة مع النهر. وتنعكس هذه الأهمية في كمية القلاع التي تصطف على ضفاف الجزيرة - ربما تضم مقرات عدداً من القلاع أكثر من أي بقعةٍ  آخرى في وادي النيل. تحتل قلعة رأس الجزيرة حافة الجزيرة ونهايتها بإتجاة مجرى النهر ، تليها الي الشرق قلعتي المكيسر وكورتا، وتقع الأخيرة على جزيرة صغيرة الى الشمال من مقرات. تقع قلعة آخرى في وسط  قرية المقل التي تعتبر المحور الرئيسي للجزيرة بعبارتها التي تربطها بأبو حمد.

توجد قلعة في الضفة الجنوبية لمقرات بالقرب من الكرمل ، تُدعى جبل الحلة ، كما توجد قلعةُ أخرى في قرية الحلة في اتجاه مجرى النهر. أنه لمن المحتمل ان تكون هنالك مزيد من القلاع لا تزال مخبأةٌ في المناطق ذات الغطاء النباتي الكثيف بالقرب من النهر - كانت قلعة الحلة نفسها غير معروفة لعلماء الآثار حتى عثر عليها فريق المسح الأثري لفترات ما قبل التاريخ مؤخراً في ربيع  2014م.
إن الهدف من مشروع قلاع مقرات هو دراسة السجل التاريخي الغني لقلاع مقرات. نحن نريد حصرها في خريطة ومعرفة تواريخها ومعرفة المزيد عن وظائفها. ولكننا أيضاً نريد أن نستكشف كيف كانت الحياة داخل هذه القلاع ، وكيفية إرتباطها بالمواقع المحيطة بها، وأخيراً كيف استخدمت وكيف أعيد استخدامها عبر الزمن.

بدأ البحث والإستكشاف عن القلاع في عامي 2006 و 2008 مع المشروع السابق ، بعثة جامعة هومبولت لبلاد النوبة. كشفت الحفريات الإختبارية التي أجريت في قلعة رأس الجزيرة عن بقايا كنيسة من العصور الوسطى. يشير الفخار المستخرج من الحفرية إلى أن قلعة رأس الجزيرة استُخدمت منذ بداية الفترة المسيحية - القرون الوسطى – قبل حوالي 1400 سنة (حوالي 600 م) - لمدة 300 أو 400 عام على الأقل. بل أن قلعة المكيسر أقدم من  ذلك. حيث قدمت لنا الحفريات التي اجريت على المباني الداخلية المبنية من الطوب اللبن عينات أمكن توريخها بواسطة الكربون 14 تعود الى ما بين 1600 و1450 عام مضت.

ويدعم هذا التاريخ تصميم القلعة ، مع جدران حجرية تحيط بمساحة مربعة تضم مباني من مواد أقل متانة. والمفاجأة الكبرى لم تأتي الا من القلعة الموجودة في قرية الحلة، التي بدأنا فقط إستكشافها في ربيع عام 2015. ويبدو أن هذه القلعة هي أحدث قلعةٌ في الجزيرة، إذ يرجع تاريخها فقط من الفترة الإسلامية - ونأمل أن يمدنا العمل في هذا الموقع بمزيد من المعلومات في الأبحاث القادمة.
على ما يبدو أن جميع القلاع في مقرات إرتبطت بأوقات غير مستقرة سياسياً ، سواءً كان في فترة ما بعد مروي (المكيسر) ، أو بدايات العصر المسيحي (رأس الجزيرة) أو العصر الإسلامي الحديث (الحلة). لكننا مازلنا بحاجة إلى معرفة من بناها، ولأي غرض، تم بناء كل واحدةٍ منها- سواء كانت بمثابة ملاجئ لسكان الجزيرة، او كمعاقل للحكام المحليين أو للتحكم في حركة المرور النهرية. إن الإجابة على هذه الأسئلة قد تساعدنا أيضاًعلى فهم الدور الذي لعبته مقرات في العالم الأوسع لوادي النيل الأوسط من العصور القديمة إلى الماضي القريب.