ليلي يانوت
عالمة آثار إحيائية
قررت دراسة علم الآثار عندما كنت طالبة في المدرسة. وعند إنتهائي من مراحلي الأولية إنتقلت للعيش والعمل في رواندا لمدة عام واحد وبمجرد عودتي الى مسقط رأسي بألمانيا بدأت دراسة علم المصريات وعلم آثار السودان. إن الذي ما زلت أحبه في علم الآثار هو أن منهجه يضم مختلف التخصصات. وهذا يعني أن بإمكاني الإلتحاق ببعض الأعمال التطبيقية كالمسح والتنقيب. كما اتيحت لي الفرصة للعمل على البيانات التي تم جمعها أثناء العمل الميداني آخذين في الإعتبار الجانب النظري للأبحاث الأثرية. تزامن تخرجي في مجال العظام البشرية والآثار الجنائزية مع الموسم الثاني في جزيرة مقرات، حيث أشتركت في أعمال التنقيب في المقابر التي تقع بالقرب من الكرمل. ولم أكتفي بالعمل الميداني وتنقيب المقابر مع فريق العمل المشترك ألماني سوداني. بل قمت بدراسة الهياكل البشرية التي اسفرت عنها الحفريات، حيث قمنا بتوثيق المواد العظمية وتحليل جنس المتوفى وتقدير عمره أثناء الوفاة. كما أنني كنت أحاول تمييز علامات الصدمات والجراح ومؤشرات الأمراض التي تترك آثاراً على البقايا العظمية.
وعند عودتي الى ألمانيا أتيحت لي فرصة للعمل في أحدى هيئات التنمية التي إستمتعت جداً بالإنضمام اليها وما جذبني الى هذه الوظيفة هو أوضاع العمل التي تأخذ بعداً عالمياً في المجال الثقافي. وهو أمر قد إعتدت عليه منذ عملي ضمن فرق العمل الآثارية. ولكن يظل السؤال الذي يؤرق منامي هل سأفتقد العمل الميداني والأبحاث؟ إجابتي بكل تأكيد هي أنني بالفعل أفتقدهما وبشدة.